سورة [تبت] نزلت في هذا وامرأته، وهما من أشرف بطنين في قريش، وهو عم علي، وهي عمة معاوية، واللذان تداولا الخلافة في الأمة هذان البطنان: بنو أمية، وبنو هاشم، وأما أبو بكر وعمر فمن قبيلتين أبعد عنه صلى الله عليه وسلم واتفق في عهدهما ما لم يتفق بعدهما.
وليس في القرآن ذم من كفر به صلى الله عليه وسلم باسمه إلا هذا وامرأته، ففيه أن الأنساب لا عبرة بها، بل صاحب الشرف يكون ذمه على تخلفه عن الواجب أعظم. كما قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} الآية [الأحزاب: 30].
قال النَّحاس: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]، دعاء عليه بالخسر. وفي قراءة عبد الله: [وقد تب]. وقوله: {وَمَا كَسَبَ}، أي: ولده. فإن قوله: {وَمَا كَسَبَ}، يتناوله، كما في الحديث ولده من كسبه. واستدل بها على جواز الأكل من مال الولد. ثم أخبر أنه: {سَيَصْلَى نَارًا} [المسد: 3] أخبر بزوال الخير، وحصول الشر، و[الصلي] الدخول والاحتراق جميعا. وقوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] أن كان مثلا للنميمة؛ لأنها تضرم الشر، فيكون حطب القلوب، وقد يقال: ذنبها أعظم، وحمل النميمة لايوصف بالحبل في الجيد، وإن كان وصفا لحالها في الآخرة، كما وصف بعلها وهو يصلي، وهي تحمل الحطب عليه، كما أعانته على الكفر، فيكون من حشر الأزواج، وفيه عبرة لكل متعاونين على الإثم، أو على إثم ما، أو عدوان ما.
ويكون القرآن قد عمم الأقسام الممكنة في الزوجين، وهي أربعة إما كإبراهيم وامرأته، وإما هذا وامرأته، وإما فرعون وامرأته، وإما نوح وامرأته، ولوط. ويستقيم أن يفسر حمل الحطب بالنميمة بحمل الوقود في الآخرة. كقوله: [من كان له لسانان] إلخ. والله أعلم.