أما كتب المنطق، فتلك لا تشتمل على علم يؤمر به شرعًا، وإن كان قد أدى اجتهاد بعض الناس إلى أنه فرض على الكفاية، وقال بعض الناس: إن العلوم لا تقوم إلا به، كما ذكر ذلك أبو حامد، فهذا غلط عظيم عقلًا وشرعًا.
أما عقلًا، فإن جميع عقلاء بني آدم من جميع أصناف المتكلمين في العلم حرروا علومهم بدون المنطق اليوناني. وأما شرعًا، فإنه من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن الله لم يوجب تعلم هذا المنطق اليوناني على أهل العلم والإيمان.
وأما هو في نفسه فبعضه حق، وبعضه باطل، والحق الذي فيه كثير منه أو أكثره لا يحتاج إليه، والقدر الذي يحتاج إليه منه فأكثر الفطر السليمة تستقل به، والبليد لا ينتفع به، والذكي لا يحتاج إليه، ومضرته على من لم يكن خبيرًا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه، فإن فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء، وكانت سبب نفاقهم، وفساد علومهم.
وقول من قال: إنه كله حق كلام باطل، بل في كلامهم في الحد، والصفات الذاتية والعرضية، و أقسام القياس والبرهان، ومواده من الفساد ما قد بيناه في غير هذا الموضع، وقد بين ذلك علماء المسلمين، والله أعلم.